|
الصفحة الرئيسية
>
حــديث
في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن يوم عاشوراء فقال : (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم ـ يعني يوم عاشوراء ـ وهذا الشهر؛ يعني رمضان). يوم عاشوراء له فضيلة عظيمة ، وحرمة قديمة ، وصومه لفضله كان معروفاً بين الأنبياء عليهم السلام ، وقد صامه نوح وموسى عليهما السلام. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يوم عاشوراء كانت تصومه الأنبياء فصوموه أنتم) ، خرجه بقي بن مخلد في مسنده. وقد كان أهل الكتاب يصومونه وكذلك قريش في الجاهلية كانت تصومه . قال دلهم بن صالح : قلت لعكرمة : عاشوراء ما أَمْره ؟ قال : أذنبت قريش في الجاهلية ذنباً فتعاظم في صدورهم فسألوا ما توبتهم؟ قيل: صوم عاشوراء يوم العاشر من المحرم .
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في صيامه أربع حالات:
الحالة الأولى : أنه كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم . ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه فترك يوم عاشوراء ، فمن شاء صامه ومن شاء أفطره . وفي رواية للبخاري وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء فليصمه ومن شاء أفطر .
الحالة الثانية : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه وأمر الناس بصيامه وأكد الأمر بصيامه والحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم . ففي الصحيحين عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ قالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فنحن أحق وأولى بموسى منكم ، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه .
الحالة الثالثة : أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بصيام عاشوراء وتأكيده فيه وقد سبق حديث عائشة في ذلك . وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك ذلك . وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه . وفي رواية لمسلم : إن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان ، فلما فرض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه. وخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث قيس بن سعد قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا .وفي رواية: ونحن نفعله . فيدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيام شهر رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه. فإن كان أمره صلى الله عليه وسلم بصيامه قبل فرض صيام شهر رمضان للوجوب فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ فهل يبقى الاستحباب أم لا ؟ وفيه اختلاف مشهور بين العلماء رضي الله عنهم وإن كان أمره للاستحباب المؤكد ، فقد قيل : إنه زال التوكيد وبقي أصل الاستحباب وأكثر العلماء على استحباب صيامه من غير تأكيد.
الحالة الرابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفرداً بل يضم إليه يوماً آخر مخالفة لأهل الكتاب في صيامه . ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع . قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية له أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر ، يعني عاشوراء. والله أعلم.
المزيد |